الحمد لله الذي قصم بالموت رقاب الجبابرة و كسر به ظهور الأكاسرة و قصر به آمال القياصرة الذين لم تزل قلوبهم عن ذكر الموت نافرة حتى جاءهم الوعد الحق فأرداهم في الحافرة فنقلوا من القصور إلى القبور و من أنس العشرة إلى وحشة الوحدة و من المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل فانظر هل وجدوا من الموت حصنا
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد ابن عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أدري من أين أبدأ معك حديثي ولا أعرف كيف أوصل مشاعري إليك إنها مشاعر متشابكة وأحاسيس مختلفة تارة با لحب لك وتارة بالحرص عليك وتارة بالنصيحة والإرشاد لك قد تقول من أنت حتى تقوم مقام الناصح المرشد أقول لك ألا يكفي أنني محب أليس المحب هو من يبذل نفسه في خدمة محبه ويقدم له ما يساعده على اجتياز العقبات ومواجهة المحن فلماذا تستغرب مني وأنا شاب مثلك أنا أهديك كلماتي هذه ومشاعري نحوك ولماذا ترفض نصائحي وما قمت هذا المقام إلا لأجلك ها أنت تتجرع مرارة الحياة من الوقوع في المعاصي والتهالك على اللذات والشهوات فإنها القاصمة التي أفسدت عليك شبابك وعكرت عليك أن تحيا شبابك قويا ثابتا في عزيمة وعلو همة لقد أدمت النظر في واقع كثير من الشباب فرأيت عجبا رأيت إقداما على المعاصي والمنكرات وانهماكا في تحصيل الشهوات وجريا وراء اللذات الفانيات وغفلة عن الله ونعيم الجنات إن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى إنها تفسد القلب وتزرع الوحشة بين العبد وربه وتجلب الهم والغم وتمنع الإجابة وتجلب المذمة وضنك العيش فربما يجد العاصي سرورا في نفسه حين يباشر معصيته ولذة عند القدوم عليها ولكنه سرور كاذب ولذة زائفة وسعادة وهمية لأنه أغضب خالقه وبارز ربه بالمحاربة فكيف يصفو له عيش ويهدأ له بال.بالله عليك ما الذي وجدته في دنيا الهوى هل وجدت لذة لا ينقضي نعيمها هل وجدت إنسا وراحة يملئان جوانحك هل وجدت في نفسك شوقا إلى الآخرة وجنة ربك التي عرضها كعرض السموات والأرض التي أعدها الله لأهل طاعته هل وجدت حبا لطاعة الله والتفاني في عبادته.إذا تبين لك انك ما خلقت إلا لعبادة الله فهل يليق بك أن يجدك الله حيث نهاك ويفقدك حيث أمرك وهل يليق بك أن تكون المساجد خالية منك بينما الملاعب عامرة بك وهل يليق بك أن تترك سماع القرآن وتعكف على سماع الأغاني والألحان.هل تذكرت هادم اللذات ومفرق الجماعات هل تذكرت يوما تكون فيه من أهل القبور هل تذكرت سؤال الملكين منكر ونكير هل تذكرت أتوفق للصواب من الجواب أم يقال لك لا دريت ولا تليت.هاهو الطريق واضح أمامك قد لاح إنه باب التوبة فلا تتردد إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل والله يحب التوابين فهلا أقبلت.استغل مواسم الطاعات با لتوبة والإنابة والرجوع إلى الله واجعل هذا الشهر بداية طريق الخيرإني والله لك ناصح وعليك مشفق
اللهم أهدنا إلى صراطك المستقيم واغفر ذنوبنا أجمعين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى الآل والأصحاب أجمعين وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين