تساءل الكثير عن سر احتفاظ الرئيس بطاقم حكومي، يجمع الملاحظون على أنه أفشل تركيبة حكومية عرفتها البلاد، ويشهد على ذلك الرئيس نفسه. والحقيقة أن السر في ذلك معروف ولا يتطلب ذكاء كبيرا، وربما لهذا السبب صعب على الكثير هضمه. ذلك لأن هذه الحكومة تتمتع بخاصيتين تشترك فيهما مع السلطة بصفة عامة، ولم تتوفر ولم يحدث أن توفرت في أي وقت من الأوقات، ولا في أي حكومة من الحكومات.
يتمنون زوال النعمة عن الشعب أما أول هاتين الخاصيتين أو السمتين، فهي العجز والفشل. فما فتيء الرئيس ينتقد الحكومة علانية وبطريقة مباشرة، ولا يفوّت مناسبة أو فرصة ليعير وزراءه ويبهدلهم بأسمائهم وصفاتهم أمام شاشات الكاميرا، ويسمهم بالفشل والعجز. والغريب أو العجيب أو المريب أو المثير، أن الرئيس ذاته أشهد الناس على نفسه بأنه فشل ولم يحقق ما وعد به أو ما كان يحلم به، وفي هذا، فإنه يشبه وزراءه ويجد عزاءه فيهم، فلذا تراه أكثر تمسكا بهم. أما ثاني هاتين الخاصيتين، والفريدة من نوعها، فهي كره الشعب. فالحكومة الجزائرية الحالية من الحكومات النادرة في العالم التي تكره شعبها، وتتمنى زوال النعمة عنه. وهي نفس الصفة التي يؤكدها الرئيس يوميا، من خلال تعامله مع الجزائريين بمن فيهم وزراؤه. بوتفليقة تراه مبتسما معانقا أينما حل وارتحل مع الأجانب، و''مشنفا'' عبوسا قمطريرا كلما نظر في وجه جزائري.
وشهدوا على أنفسهم.. وإذا كانت الخاصية الأولى لا تتطلب شرحا كبيرا، فإن الثانية بحاجة إلى بعض التوضيح، فبالمثال يتضح المقال كما يقال. بوتفليقة لم يخف عداءه للشعب مذ أُعلن رئيسا للجمهورية، فقد اعترف بذلك في أكثر من مناسبة، تلميحا وتصريحا. ولعل أكثر هذه التصريحات جلاء ما قاله عندما استضافته قناة أبو ظبي الفضائية، والتصريح مشهور ومعروف، حتى أنه أثار حفيظة واندهاش المذيعة ليلى الشيخي. بوتفليقة لا يزال حاقدا على الجميع مذ خروجه من الباب الضيق عقب وفاة الرئيس هواري بومدين. يبدو أن بوتفليقة كان ينتظر أن يحمله الجزائريون على الأكتاف باتجاه قصر المرادية ويتوجونه رئيسا. يبدو أن بوتفليقة كان يعتقد أو يرى نفسه الخليفة الطبيعي والأمثل لبومدين، وإذ به يتجاهله الجميع وتتوجه الأنظار باتجاهات أخرى لم يكن فيها بوتفليقة مطروحا، لا من قريب ولا من بعيد. هذه الغصة هي التي حددت سلوكات وممارسات بوتفليقة فيما بعد. وبمجرد أن اعتلى كرسي الرئاسة، بدأ يصفي حساباته في حق بعض المسؤولين والشعب عامة، بعنف لفظي منقطع النظير، وعدوانية غريبة في الخطاب، وردات الفعل، وتطبيق غريب لبرنامج سياسي من المفروض أنه وضع لصنع خير الجزائريين.
''أنت مير وأنا مير.. فشكون يسوق الحمير..'' وسقط القناع عن القناع عندما عمد الرئيس إلى تغيير الدستور ليخلد نفسه في الحكم، دون استشارة الجزائريين الذين وعدهم بتدعيم المكتسبات الديمقراطية وتعهد لهم أنه لن يدفع بالديمقراطية القهقرى. حدث ذلك أياما فقط بعد اعترافه صراحة بالفشل وأذاع به على رؤوس الأشهاد، حتى أن الناس ظنوا أنه سينسحب ولن يجدد لنفسه، بل اعتقد الجميع حينها أن خطاب الرئيس أمام إطارات الأمة كان خطبة وداع مبكرة. وجاء قانون المالية التكميلي ليكمل الصورة ويوضح بجلاء أن الرئيس يقف في الجانب المقابل لمصلحة الجزائريين، فحرمهم وسائل ترقية مستوى معيشتهم، وقتل أحلامهم في سيارة أو تجهيزات كهرومنزلية، وإن لم تكن لتقضي على كل معاناتهم. بوتفليقة استكثر على الجزائري أن يملك سيارة بحجة تمويل السكن. قليل من الحكام من يخص شعبه بمثل هذه المعاملة، مهما كان مستبدا وديكتاتوريا. هذا الإجراء ذكر الجزائريين بتلك المقولة الشهيرة التي كانت تبرر حرمانهم من أبسط الحقوق: ''أنت مير وأنا مير، فشكون يسوق الحمير..''.
أويحيى والعدوان على الشعب.. أويحيى كشخصية سياسية صُنعت من العدم، معروف بمواقفه المتطرفة وسياسته المجحفة في حق الجزائريين، فهو الذي قاد قافلة الموت بين الجزائريين في معظم فترات العشرية الحمراء، وحرص على الترويج والدفاع وتنفيذ خيار الاستئصال والحل الأمني للأزمة السياسية التي أُغرقت فيها البلاد، وهو صاحب المهام القذرة، كما يحلو له وصف نفسه والافتخار بذلك، وهو الذي سجن الإطارات فيما أسمي ظلما وزورا حملة الأيادي النظيفة، وهو الذي خصخص المؤسسات وحلها، وجوّع العائلات وشرّد الشباب وطرد الكفاءات. وعندما أقول هو، فأعني أنه رضي لنفسه بأن يكون المُنفذ المطيع لكل هذه المناكر وغيرها كثير (تسليط الضرائب والقسيمات ومنع القروض الاستهلاكية...). ولا يرضى بهذه المناكر ويزكي هذا العدوان على الشعب، إلا من كان يحقد ويكره الشعب. قد يقول قائل إن أويحيى كان مرغما على تنفيذ سياسة لم يكن موافقا عليها بالضرورة، وهذا كلام غير صحيح. فالدليل على كره أويحيى للشعب وحسده له على كل نعمة مهما كانت بسيطة، موقفه وحنقه أثناء رئاسة بلخادم للحكومة ضد زيادة الأجور، فقد استشاط الرجل غضبا ووصف الإجراء بأبشع الأوصاف، وكأنه سيدفع من جيبه بل أكثر من ذلك رغم أنه كان يترأس أحد أحزاب التحالف الرئاسي.
''مكرة في الشعب''.. إن ممارسات السلطة، أو العائلة وخدمها تذكر الجزائريين بممارسات استعمارية مقيتة عانوا منها أيام الاحتلال الفرنسي. أنا لا أذهب إلى درجة تشبيه السلطة الجزائرية بالسلطة الاستعمارية الفرنسية، لكن الكره والانتقاص من قيمة الجزائريين الذي يحكم سياستها وممارساتها لا يختلف كثيرا عن الكره الذي كان يغذي السياسات الاستعمارية. ففي الوقت الذي تستأثر فيه الأقلية بالثروة الوطنية وتغرف من مال الشعب، تحرم الأغلبية من قرض ستسدده من عرقها، بل تحرم حتى من الاستفادة أو التمتع من بعض المشاريع المنجزة على قلتها. هناك مثلا ظاهرة تدفع الإنسان إلى الخروج من جلده ولا تجد تفسيرا لها إلا بمنطق حسد الجزائريين والمن عليهم. فهل يعقل مثلا أن تحدد سرعة السير في المقاطع الطويلة المفتوحة من الطريق السيار بثمانين كيلومترا في الساعة؟ ألا يعتبر هذا منًّا على الجزائريين ورغبة في حرمانهم من التمتع بنعمة السفر السريع والمريح نكاية فيهم و''مكرة في الشعب''، كما يقال. لقد أصبح الجزائري الذي يحترم إشارات المرور يستغرق أكثر من ساعتين ونصف لقطع مسافة على الطريق السيار، كان يقطعها في أقل من ساعتين على الطريق العادي الصعب! فما معنى هذا؟
بوتفليقة والوضع الأمثل لكل ذلك لم يفكر بوتفليقة في تغيير الحكومة، ولا يبدو أنه يفكر في ذلك، لأنه لن يجد أحسن منها ولن يجد أحسن من أويحيى، ولن يجد وزراء يتحملون الإهانات والشتائم على المباشر ويسعدون بها، فلا يستقيلون ولا ينتحرون.. وأويحيى لن يجد رئيسا مثل بوتفليقة يتناغم معه في أهم ما يمكن أن يجمع سلطة غير شعبية ويمنحها المناعة والحصانة، إلا أن يكون هو الرئيس ليبحث عن شبيه له. هذا هو الوضع الأمثل الذي لا يبغي له الرئيس حولا. وحتى وإن فكر في التعديل الحكومي، فلتعميق تلك الولاءات التي لا تعني في آخر المطاف سوى تكريس الفشل ومقت الجزائريين وإشفاء الغليل فيهم. ¯
نشر بتاريخ 19-08-2009
scream المِؤسس
scream.1fr1.net الطاقة : 1835 نقاط : 22129913
موضوع: رد: مكرة في الشعب السبت 22 أغسطس 2009 - 0:59
في الحقيقة لن اعلق بل سأدع الصورة تعلق على قصة مكرة فالشعب شوف يرحم باباك الرومبوا كيفاش كان
وكيفاش صار
وضرك واش رايك باين دراهم الولة وين راحو فهمني برك الرومبوا الللول واش بيه واش ناقص فيه باه الداب نتاع المير ينحيه ويدير في مكانو محراث وضرك قلي هذي بلاد تفرحلها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ :x قالك الميزانية ما تكفيش لازم نزيرو السانتورة
issamt50 عضو متألق
https://scream.1fr1.net الطاقة : 240 نقاط : 19346
موضوع: شكرا على المرور السبت 22 أغسطس 2009 - 1:13
الشعب الفقير و هو المير c normal باين شكون راح بسوق الحمير